إعدام الشهداء الثلاثة (عطا الزير - محمد جمجوم - فؤاد حجازي):
بعد أن أمضى المعتقلون الثلاثة (عطا الزير ، ومحمد جمجوم ، وفؤاد حجازي) عدة أشهر في سجن عكا رهن الاعتقال تم إبلاغهم بان في 17 يونيو 1930 سيكون موعد تنفيذ حكم للإعدام بهم. وتمت عملية الإعدام شنقا في سجن عكا يوم الثلاثاء 17 يونيو 1930 الساعة الثالثة وعلى مدى ثلاث ساعات متتالية أعدم فيها الشهيد فؤاد حجازي ، ثم الشهيد محمد خليل جمجوم ، ثم الشهيد عطا الزير. وتم دفنهم في المقبرة الإسلامية في عكا ، وأضرحتهم معلومة هناك إلى هذا اليوم.
فؤاد حسن حجازي: ولد في مدينة صفد عام 1904م ، تخرج من الجامعة الأمريكية في بيروت ، شارك في أحداث ثورة البراق عام 1929.
كان يقول لزائريه قبل إعدامه : " إذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئا من كابوس الانجليز عن الأمة العربية فليحل الإعدام في عشرات الألوف أمثالنا كي يزول هذا الكابوس عنا تماماً ".
وجاء في وصيته المكتوبة بخط يده لأخويه يوسف واحمد ما يلي :" أوصيكما بالتعاضد والمحبة ورجائي أن تلجآ إلى الهدوء والسكينة إن فؤاد لم يخلق إلا لهذه الساعة وله الشرف الأعلى أن يقضي في سبيل القضية العربية الفلسطينية. إنني من جهتي أسامح كل من شهد علي خاصة سعيد العسكري, وغداً يوم الحشر سأقابله واطلب حقي منه من الله سبحانه وتعالى . . البكاء, الشجار, التصويت, هذا ممنوع قطعيا لأنني لم أكن أرضاها في حياتي خاصة تمزيق الثياب.
وكتب في وصيته مؤكدا في ختامها: "أن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج، وكذلك إقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة. إن هذا اليوم يجب أن يكون يوما تاريخيا تلقى فيه الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المهروقة في سبيل فلسطين والقضية العربية".
محمد خليل جمجوم: ولد في مدينة الخليل عام 1902، شارك في الأحداث الدامية التي تلت ثورة البراق ، كان يستقبل زائريه ومودعيه قبل إعدامه بالبذلة الحمراء . قبل إعدامه خضب يديه هو وأخيه عطا الزير بالحناء حسب تقاليد أهالي الخليل في الأعراس . طلب من السجان أن يعدم قبل أخيه عطا الزير ، فرفض السجان ، لكنه كسر قيده وهرع إلى حبل المشنقة ووضعه حول عنقه وأرغم السجان على إعدامه وتم ذلك.
عطا الزير: ولد في مدينة الخليل عام 1895، كان شجاعاً شارك في التظاهرات ضد الإنجليز واليهود، شارك في أحداث ثورة البراق ، استقبل زائريه ومودعيه يشد من عزتهم ويرفع معنوياتهم وهو بالبذلة الحمراء . استشهد في سجن عكا يوم الثلاثاء 17 يونيو 1930 شنقاً الساعة الثالثة بعد أخيه محمد جمجوم.
وكان الأبطال الثلاثة ينشدون في سجنهم النشيد الذي نظمه نجيب الريس:
يـا ظـلام السجـن خيـم _ إننـا نهــوى الظــلام
ليـس بعــد الليــل إلا _ فجــر مجــد يتسامـى
كما رثاهم الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان في قصيدته المشهورة "الثلاثاء الحمراء" التي مطلعها:
لما تعرض نجمـك المنحـوس - وترنحت بعرى الجبال رؤوس
ناح الآذان وأعـول الناقـوس – فالليـل أكـدر والنهار عبوس
كما تغنى الشعب والفرق الشعبية الفلسطينية بموال وأغنية شعبية ذكرتها الراوية رضا شحادة بعنوان : أحزان عام 1929 :
كانوا ثلاثة رجال يتسابقوا عالموت
أقدامهم عليت فوق رقبة الجلاد
وصاروا مثل يا خال وصاروا مثل يا خال
طول وعرض لبلاد…
يا عين…..
نهوا ظلام السجن يا أرض كرمالك
يا أرض يوم تندهي بتبين رجالك
يوم الثلاثا وثلاث يا أرض ناطرينك
من اللي يسبق يقدم روحه من شأنك
يا عين….
***
من سجن عكا طلعت جنازة محمد جمجوم وفؤاد حجازي
جازي عليهم يا شعبي جازي المندوب السامي وربعه عموما
محمد جمجوم ومع عطا الزير فؤاد الحجازي عز الدخيرة
أنظر المقدم والتقاديري بحْكام الظالم تيعدمونا
ويقول محمد أن أولكم خوفي يا عطا أشرب حصرتكم
ويقول حجازي أنا أولكم ما نهاب الردى ولا المنونا
أمي الحنونة بالصوت تنادي ضاقت عليها كل البلادي
نادوا فؤاد مهجة فؤادِ قبل نتفرق تيودعونا
بنده ع عطا من وراء البابِ أختو تستنظر منو الجوابِ
عطا يا عطا زين الشبابِ تهجم عالعسكر ولا يهابونَ
خيي يا يوسف وصاتك أمي أوعي يا أختي بعدي تنهمي
لأجل هالوطن ضحيت بدمي كُلو لعيونك يا فلسطينا
ثلاثة ماتوا موت الأسودِ جودي يا أمة بالعطا جودي
علشان هالوطن بالروح جودي كرمل حريتو يعلقونا
نادى المنادي يا ناس إضرابِ يوم الثلاثة شنق الشبابِ
أهل الشجاعة عطا وفؤادِ ما يهابوا الردى ولا المنونا