[/url]
من شجر الزيتون على هضاب الخليل... خرير مياه الأنهار عند البحر الجليل.. من عيون البدوية على الرمال
الصفراء.. ونَسْمَة هواء رام الله العليل.. من هناك رسالة تقول.. تلك هي فلسطين الجميلة.
والجمال ليس كل ما يُميِّز فلسطين، فهي صاحبة موقع جغرافي فريد، وتتمتع بثروات زراعية وحيوانية
كبيرة.. كما أنَّ أرضها تحتوي على مواد خام طبيعية وبِنْيَة جيولوجية رائعة.
الموقع الجغرافي
تقع فلسطين في منتصف البلاد الشرقية .. على ساحل البحر المتوسط الشرقي .. وهي تُشكِّل الجزء
الجنوبي الغربي من بلاد الشام التى تضم معها لبنان وسوريا والأردن المشاركين لها في الحدود..
فهي تتقابل مع لبنان عند منطقة تُسمَّى بـ "رأس الناقورة".. وتحدها الأردن من الشرق، تبدأ الحدود
معها عند جنوب بحيرة طبرية "بحر الجليل" وسوريا من ناحية الشمال الشرقي..
وتشاركها مصر حدودها الغربية.. كما أن خليج العقبة يربطها بالبحر الأحمر.
فتُعتبَر بهذا الموقع المُتميِّز عاملَ وصلٍ بين قارات العالم القديم: آسيا، وأفريقيا، وأوروبا..
وجسرًا لعبور الجماعات البشرية منذ القِدَم؛ وهي رقعة تتمتع بموقع بُؤْرِيٍّ يجذب إليه كل
مَن يرغب في الاستقرار والعيش الرَّغد.. وكانت مَحَطَّ أنظار الطامعين والغزاة على مَرِّ
العصور كـ "البابليين" و"الآشوريين" و"الحيثيين" و"الفرس" و"اليونان" و"الرومان"
حتى جاء الفتح الإسلامي وضمَّها إلى ديار الإسلام.
ففي العصور القديمة.. كانت فلسطين تمثل أحد الطرق التجارية المهمة التي تربط بين مَواطن
الحضارات في "وادي الطفل" وجنوب الجزيرة العربية من جهة، ومَواطن الحضارات في بلاد
الشام الشمالية في العراق من جهة ثانية. وكانت فلسطين مسرحًا لمرور القوافل التجارية
قَبْل الإسلام وبعده؛ حيث تسير إليها القوافل العربية صيفًا، قادمةً من الجزيرة العربية
كجزء من رحلة الشتاء والصيف التي ورد ذِكْرها في القرآن في سورة قريش.
وازدادت أهميتها في عهد المماليك عندما كانت البلاد ممرًّا للقوافل التجارية ناقلة البضائع
من الشرق الأقصى لأوروبا وبالعكس مثل: تجارة الحديد والعطور، والتوابل والمجوهرات.
وتربط فلسطين بذلك بين حضارة الشرق الزراعية والغرب الصناعية..
إذا أمعنَّا النظر في الخريطة يسترعي انتباهنا شكلها المستطيل الذى يمتد طوله من الشمال
قرب بانياس على الحدود السورية إلى خليج العقبة نحو 450 كم، أمَّا العَرْض فلا يكاد
يتجاوز 180 كم في أوسع جزء، ويجعل هذا الشكل فلسطين أقرب إلى الانسياج منها إلى الاندماج.
مواني فلسطين كانت مَعْبَرًا للحركات التجارية وخاصة العربية منها.. إلا أنها الآن لا تخدم
سوى الكيان الصهيوني بعد عام 1948 .. مثل مواني حيفا ويافا وعكا وعسقلان
المُطِلَّة على البحر المتوسط.. وعلى خليج العقبة كميناء إيلات.
وكان النفط العراقي يتدفق في أنابيب من حقل كركوك بشمال العراق إلى مصفاة حيفا ليتم
تكريره فيها ثم يصدر إلى الخارج.. وقد توقف الضخ منذ 1948 .
تبلغ مساحة فلسطين ما يقرب من 27.000 كم2 ويجري بمحاذاتها من ناحية الغرب
البحر الميت والذي يفصل بينها وبين الأردن.
البنية الجيولوجية
تمتاز فلسطين ببساطة بنيتها الجيولوجية التى تتألف من طبقات من الصخور الجراتينية والرملية
و الطينية والطباشيرية والبازلتية.. ومن أكثر ما يُميِّزها هي الصخور الكلسية limestone
وهي صخور تتكون مبدئيًّا من كربونات الكالسيوم caco3 calcite وهي من الصخور
المهمة في البناء، ويُستخدَم لصنع الأسمنت وأساسات البناء.. ورصف الطرق وخطوط السكة الحديد،
كما يُستخدَم في صناعة الأسفلت والبلاستيك والمطاط والسماد... و يُحوَّل عند التسخين إلى
أوكسيد الكالسيوم المهم في صناعة الحديد والصلب.
والشركات الإسرائيلية تزداد يومًا بعد يوم في الأماكن الزراعية؛ لتستخرج هذه الأنواع من الصخور..
مما يُهدِّد البيئة.. ويُغيِّر من الحياة البريَّة في المنطقة ويزيد من معدل تلوث الهواء.
وتُخرِّب إسرائيل ما يقرب من 1.67303 هكتار من الأرض وتَنْهَبُ المواد الخام الطبيعية،
خاصةً من الضفة التي لا يوجد بها غير هذه الصخور وبخاصة الجرانيتية والتي تُعَدُّ مطمعًا للاحتلال،
بل تُلوِّث إسرائيل الضفة بالمواد والنُّفايات السامة الخارجة من المستعمرات الإسرائيلية وتُحوِّلها
إلى الحدود الشرقية لتل الكرم، المنطقة الزراعية المُتميِّزة .
تتألف السهول الساحلية من ترسبات الرمال الشاطئية التي اختلطت مع ترسبات الطمي والحصَى
المنقولة من المرتفعات الجبلية بواسطة الأودية، وتكونت من هذه المواد تربة البحر المتوسط التي
تنتشر في مساحات واسعة من الإقليم وتتميز هذه التربة بأنها طفيلية خفيفة صلبة تحتفظ بالرطوبة
وتسهل تهويتها؛ لذا تنمو فيها زراعة الحمضيات والعنب والزيتون والحبوب.
سَهْلُ شارون كَمِثالٍ، نشأت تربته من تفتت الصخور في مكانها ثم نقلتها العوامل الطبيعية،
وهذه الصخور المُفتتَة تذوب أملاحها في الماء فتكتسب الأرض خصوبة، وتحت التربة
الرسوبية صخور كلسية تحللها الماء بتأثير حامض الكربونيك. ولكثرة مادة الحديد في
هذه التربة تظهر حمراء سهلة التفتُّت، تصلح لزراعة الحبوب والحمضيات.
وسَهْلُ مرج ابن عامر تربته صلصالية تناسب زراعة الحبوب، وهي من الترب الخصبة في فلسطين؛
لذا تركَّز الاستعمار اليهودي في المرج منذ أوائل فترة الانتداب البريطاني.
جبال القدس والجليل تتألف من صخور كلسية أساسًا، وتستخرج من هذه الصخور بعض الأنواع
الجيدة من حجر البناء وبخاصة في منطقة القدس، وقد تعرضت الهضبة بمرور الزمن إلى إذابة
بعض التكوينات الكلسية بفعل مياه الأمطار وسيول الأودية الجافة؛ فتقطعت إلى مجموعات
من التلال والسلاسل الجبلية.
- يتشكل وادي الأردن من كسور طولانية عنيفة أدت إلى انهدامه حتى مستويات منخفضة،
وفي العصر المطير غُمِر جزء من وادي الأردن بالمياه فيما عُرِفَ باسم البحيرة الأردنية القديمة
التي اختفت قبل الفترة التاريخية بآلاف السنين ولم يبقَ من مُخلَّفاتها إلا بحيرة طبرية والبحر الميت.
فتشتهر فلسطين بزراعة الحبوب والخضار والفاكهة والحمضيات وأشجار العنب واللوز والزيتون؛
والذي يُستخرَخ منه سنويًّا آلاف الأطنان من زيت الزيتون، والذي يعتمد عليه اقتصاد فلسطين
بالدرجة الأولى.. وتقطع إسرائيل عشرات الآلاف من الأشجار كَمَدًا وغَيْظًا من رمزها المُبارَك
عند الفلسطينيين، المذكور في القرآن وتمنع المزارعين من جني الزيتون من أراضيه، ففي
الثلاثة أسابيع الأولى من الانتفاضة الحالية، قطعت ما يقرب من ثلاثة آلاف شجرة من الزيتون.
منطقة البحر الميت تتمتع برصيد من المعادن كالملح والمنجنيز، والتي لم تُستخرَج بعد من قِبَل
السلطة الفلسطينية، هناك أيضًا ثروة حيوانية من الماشية منها حوالي 175.500 خروفًا في
مناطق البدو الذين ينتشرون في الضفة من جبال الخليل في الجنوب إلى شمال سهل الأردن؛
وبذلك تُقسَّم فلسطين ببساطة إلى أربع مناطق، مرورًا من الغرب إلى الشرق.. يقابلك إقليم
السهول الساحلية وهو يمتد بمحاذاة شاطئ المتوسط ما بين رأس النافورة شمالاً ورفح جنوبًا..
ثم منطقة جبلية في الخليل.. ثم إقليم وادي الأردن.. وفي الجنوب تقبع صحراء النقب.
1) السهول الساحلية: وهي أخصب أراضي فلسطين، ورغم أن المياه على أرض فلسطين ليست
بالكثرة المطلوبة فإن هذا الإقليم تتوافر فيه كمية لا بأس بها من المياه الجوفية وتسقط على
أراضيها أمطار الشتاء.. تجود فيها زراعة الحمضيات والعنب والزيتون والحبوب.. كما يزرع
فيها أيضًا شجر التفاح وشجر اللوز وخضراوات الصيف والشتاء.
ومن أشهر سهولها سهل عكا (12 كم) وسهل شارون ومرج ابن عامر كما ذكرنا.
سفوح منطقة (الكرمل) في الشمال تجمع (80 ملم2) سنويًّا من مياه الأمطار وتتضاءل جنوبًا
حتى تصل إلى رفح لتكون (150ملم2) سنويًّا .
2) إقليم المرتفعات الجبلية: ويُعَدُّ بمثابة العمود الفقري للأراضي الفلسطينية .. يمتد من أقصى شمال
البلاد إلى إقليم النقب في الجنوب وهو ينقسم إلى: جبال الجليل .. وسلسلة جبلية وسطى. كتلة
الجليل امتداد لكتلة الجليل اللبناني .. وتقدر مساحتها بنحو 2.83كم2 وأعلى قممها جبل الجرمق 12.8م ،
أعلى قمة في فلسطين .. ويقع سهل حطين الذى وقعت فيه موقعة حطين بين صلاح الدين والصليبين
بين هضاب الجليل الجنوبية؛ جبال الجليل مستديرة واضحة الخطوط مكسوة بالعشب الأخضر الجميل
ومن جبالها المشهورة أيضًا السامرة والكرمل.
السلسلة الجبلية تضم جبال نابلس في الشمال والتي تحمل على أرضها مدينة "نابلس",
وجبال القدس .. وتضم جبال الخليل في الجنوب .. وهي صخور كلسيه تستخرج منها أنواع جيدة
من حجر البناء وبخاصة في منطقة القدس هناك .. تمثل الجبال قوسين جبليين يعرف أحدهما
بقوس الخليل أو "بيت لحم" والثاني بقوس القدس أو "رام الله" وتفصل بين القوسين عتبة منخفضة
نسبيًّا في منطقة القدس.
الضفة الغربية وشريط غزة:
تطلق "الضفة الغربية" على الأراضي المتناثرة الواقعة غرب نهر الأردن .. مساحتها حوالى 5900 كم مربع
.. وهي تحوي المناطق الإسلامية المقدسة الممثلة بالقدس(55 كم من البحر المتوسط) وأكبر مدنها هي
الخليل ونابلس .. وقد احْتُلَّت عام 1967، تحيطها إسرائيل من ناحية الجنوب الغربى .. وشرقًا الأردن ..
تُزرَع فيها المحاصيل والخضروات في الشمال .. وشجر الزيتون على الهضاب .. وأشجار العنب في الجنوب .. تُربَّى الماشية في الثلث الشرقي منها لندرة الماء هناك.
تقع مدينة رام الله في هذه المنطقة الهضبية على بعد 10 أميال من القدس .. على ارتفاع 900م فوق
سطح البحر.. سكانها حوالي 40.000 يرتفع عددهم إلى 220.000 إذا ما جمع عليها قرى صغيرة
محيطة بها تُقدَّر بـ 88 قرية.
شريط غزة هي منطقة ضيقة من الأراضى الصحراوية بامتداد البحر المتوسط .. حوالى 42كم في طوله
ومن 6.5 إلى 8 كم في عرضه .. بها كثافة سكانية عالية تُقدَّر حسب تقارير عام 1993 بـ
800.000 غالبيتهم من اللاجئين الذين عاشوا ظروفًا قاسية في معسكرات اللاجئين منذ عام 48.
يعتمد اقتصادها على الزراعة، والرعي، والصيد وبعض الصناعات الصغيرة إلا أنها تعانى من الفقر والبطالة.
3) إقليم نهر الأردن: يمتد هذا الإقليم إلى طول الجزء الشرقى من فلسطين حتى خليج العقبة في الجنوب ويتجاوز طوله 420 كم.. وهو يُعَدُّ من بين أغوار العالم المهمة؛ لاشتماله على بقعة البحر الميت أكثر بقاع الأرض انخفاضًا عن سطح البحر فهو يهبط مستواه عند بحيرة طبرية إلى نحو 212 مترًا حتى يصل إلى أدنى مستوى له عند البحر الميت وينخفض إلى 398 م (يصل أعمق انخفاض لقاع البحر الميت إلى 798م).
نهر الأردن يصب في البحر الميت ويربط بينه وبين بحيرة طبرية في الشمال، يبلغ طوله 359 كم
ويستفاد من مياهه في الري.. ولا يستخدم في الملاحة لاعوجاجه الشديد.
يمثل الحدود الفاصلة بين إسرائيل والضفة الغربية من ناحية والأردن منذ عام 1967
وهو محل تنافس شديد بين الأردن وإسرائيل.
4) الإقليم الصحراوي (صحراء النقب): وهي تمثل نصف مساحة فلسطين .. فقيرة في الزراعة .. لندرة مياها .. وتتفاوت أشكال سطحها ما بين الهضاب والسهول .. بير شعبة هي المنطقة الرئيسية بها.
وهكذا .. فإن ارتفاع الأرض في فلسطين يختلف من 395م تحت سطح الأرض إلى 1208 م على مرتفعات
جبال الجليل .. وتتمتع فلسطين عامَّةً بجو حارٍّ صيفًا دافئ ممطر شتاءً .. قد يسقط الثلج شتاءً خلال
فترات متباعدة قد تصل إلى مرة كل عشر سنوات
[/size][/center]