إهداء لكل عشاق النجم الأرجنتيني العالمي ماردونا قصة حياة مرادونا بصياغة جديدة كما جاءت في الجزء الثاني من البرنامج النقدي (الحلو ما يكمل)الذي أعده وقدمه عبر الرياضية عبدالناصر السهلي
(المنتخب وتعاطي الممنوعات)
بدَأَتْ َمسيرَةُ النجمِ الأرجنتيني ديغو أرمندو مارادونا مع منتخبِ التانغو قبل بلوغِهِ سِنَّ ال 16 بعشرةِ أيامٍ فقط ولَعِبَ أولى ُمبارَياتِهِ الدوليةَ أمامَ المجرْ حينَ استدعَاهُ مدربُ المنتخبِ الأرجنتيني للانضمامِ الى منتخبِ بلادِهِ كمهاجِمٍ ثاني.. ليصبحَ الفتَى الذهبيُّ مارادونا أصْغَرَ لاعبٍ ينضمُ إلى المنتخبِ الأرجنتيني .. ولكنَّ فرحَتُهُ بارتداءِ قميصِ منتخبِ بلادِهِ لمْ تكتمِلْ حين أُصيبَ بخيبةِ أملٍ كبيرة عندما استبعَدَهُ المدربُ سيزار لويس مينوتي لدى اختيارِهِ تشكيلتِهِ النهائيةِ لمونديالِ عامَ ألفٍ وتسعمائةٍ وثمانيةٍ وسبعين والتي استضافتها الأرجنتين بداعي صِغْرَ سِنِّهِ وافتقادِهِ إلى الخبرةِ المطلوبةِ..وصرحَ مارادونا بعد هذا الاستبعادُ المفاجئ قائِلاً : إنَّ اليومَ الذي أخبرني فيه مينوتي بأنَّهُ أختارَ لاعِبًا آخرَ مكاني هو أتعَسُ يومٍ في حياتي وبكى مارادونا بحرارةٍ وهو يحتضِنُ أمَهُ إثْرَ الصدمةِ النفسيةِ العنيفةِ.
وقوبِلَ عدمُ ضَمُ مارادونا لمنتخبِ الأرجنتين باستياءٍ جماهيرِيٍّ وإعلاميٍّ كبيرٍ لتتوعَدَ على إثرِهِ تلك الأقلامُ الصحفيةُ بنهشِ لحمِ مينوتي بعد المونديالِ ..ولكنْ لمْ يكتبْ لهذا التربصُ النجاحَ بعد أن أصبح سيزار مينوتي أولَ مدربٍ أرجنتيني يقودُ بلادَهُ للفوزِ في كأسِ العالمِ .. والذي تابَعَها مارادونا عبرَ شاشةِ التلفزيون وهو يعتصِرُ ألمًا لعدمِ مشاركَتِهِ ليشاهِدَ باساريللا وكمبس وأرديلس يقودون الأرجنتين إلى إحرازِ لقبِها الأولِ وسطَ فرحةٍ هستيريةٍ عارمةٍ هزَّتْ شوارِعَ الأرجنتين.
ويترُكُ مارادونا جراحَهُ جانبًا .. ليلبي نداءَ منتخبِ الشبابِ للمشاركةِ في بطولةِ كأسِ العالمِ الثانيةِ للشبابِ والتي أقيمَتْ في اليابان عام ألفٍ وتسعمائةٍ وتسعةٍ وسبعين 1979 وسطَ ضجةٍ إعلاميةٍ غيرِ مسبوقةٍ تبشرُ بولادةِ نجمٍ كبيٍر سيُغيرُ ملامِحَ كرةِ القدمِ فيما بعد بعبقريتِهِ الفذةِ ومهاراتِهِ المذهلةِ ويصْدِقُ حدْسُ المراقبينَ ليساهِمَ الواعِدُ مارادونا بتصدرِ الأرجنتين لمجموعتِهَا التي كانت تضمُ بولندا ويغزلا فيا و أندنوسيا قبل أن يفوزَ على ممثلِ العربِ الوحيدِ بالبطولةِ وهو منتخبُ الجزائرُ بخماسيةٍ نظيفةٍ -ويواصِلُ زحفَهُ للنهائي وبثباتٍ بعدما أخرجَ المنتخبَ الأرغواني بقبلِ النهائي بهدفينِ نظيفينِ ليصلَ للمباراةِ النهائيةِ لمواجهةِ حاملِ اللقبِ منتخبِ الإتحاد السوفييتي ليُتْخِمَ مرمَاهُ بثلاثةِ أهدافٍ مقابلَ هدفٍ ليلامسَ مارادونا كأسَ العالمِ لأوَلِ مرةٍ وإن كان لفئةِ الشبابِ..ويحوزُ على لقبِ أفضلَ لاعبٍ في البطولةِ ولقبِ ثاني هدافين مونديالِ الشبابِ بفارقِ هدفين عن زميلِهِ بالمنتخبِ رامون دياز..وبهذا يعوضُ مارادونا عدمَ مشاركتِهِ في مونديالِ ألفٍ وتسعمائةٍ وثمانيةٍ وسبعين 1978 بقرارٍ من سيزار مينوتي ليثبتَ أنَّهُ سهمُ المستقبلِ الملتهبُ .. وتقضي الأيامُ والسنون ويجيءُ العامُ ألفٍ وتسعمائةٍ وثنينِ وثمانين 1982 والذي شهدَ باكورةَ مشاركاتِهِ في مونديالاتِ كأسِ العالمِ للكبارِ وكان يومُها الطفلُ المدللُ للمدربِ المخضرمِ سيزار مينوتي باعتباره فارسِ الرهانِ في سلةِ المفاجآتِ جاءَ مارادونا إلى أسبانيا محاطاً بهالةٍ إعلاميةٍ لمْ يسبقْ إليها أحدٌ حتى الجوهرةِ السوداءِ بيليه خصوصًا بعد توقيعِهِ عقدًا احترافيًا مع برشلونة الأسباني في ذلك الوقتِ-ليسببَ الكوابيسَ المزعجةَ لمدربي الفرقِ الأخرى والتي أعلنَتْ حالةَ الطوارئ لوجودِ قنبلةٍ موقوتَةٍ قابلةٍ للانفجارِ بأيِّ وقتٍ وهي المتمثلةُ بإبداعات مارادونا -- لذا لم يكنْ مارادونا حُرًا طليقًا بالملعبِ بل كان معتقلٌ في كلِ أرجاءِ الملعبِ حيث قامَ جهابذةُ المدافعين العالميين في المونديال بتجريدِهِ من نجوميتِهِ وتألقِهِ تارةً بصورةٍ شرعيةٍ وتارةً أخرى بصورةٍ غيرِ شرعيةٍ فلن ينسى المتابعون كيف كان الإيطالي كلاوديو جينتيلي والذي أُطلقَ عليه لقبَ الجزار ِبتمزيقِهِ قميصِ مارادونا وإسقاطه أرضًا أكثرَ من خمسين مرةٍ -وهو يوزعُ ابتساماتٍ صفراءَ لحكمِ المباراةِ تستجديهِ حتى لا يطردَهُ .
وهكذا مارادونا كان في مونديالِ عام 82 بين كماشةِ مدافعين الخصومِ و خشونَتِهِم الزائدِةِ الى أن جاءَتْ رصاصةُ الرحمةِ التي أطفئَتْ سِراجَهُ المنيرَ في هذا المونديال-و من مدافعِ منتخبِ البرازيل باتيستا الذي كان لصيقًا لمارادونا كظِلِهِ في لقاءِ الديربي اللاتيني في الدورِ الثاني من المونديالِ يومَها وجَدَ مردونا حلاً وحيدًا للتخلصِ منهُ وهو توجيهُ ضربةٌ خاطفةٌ بعيدةٍ عن الروحِ الرياضيةِ ليُشْهِرَ بوجهِهِ الكرتَ الأحمرَ في حادثةٍ ستظلُ عالقةٌ في الأذهانِ .. ويغادرُ الملعبَ خائبَ الأملِ ليخرجَ بعدَهُ منتخبِ الأرجنتين من الدورِ الثاني نتيجةِ خسارتِهِ تلك المباراةِ بثلاثةِ أهدافٍ لهدفٍ وهي الهزيمةُ الثالثةُ لَهُ في المونديالِ بعد خسارتِهِ الافتتاح من بلجيكا بهدفٍ وخسارتِهِ من المنتخبِ الإيطالي في الدورِ الثاني 21 وكانت حصيلةُ مارادونا في مونديال 82 هدفين فقط سَجَلَهُمَا في مرمى المجر.
وفي مونديالِ عامَ ألفٍ وتسعمائةٍ وستةٍ وثمانين 1986 وهو مونديالُ المكسيك أو عفوًا مونديالُ مارادونا كما يحلو للبعضِ تسميتَهُ لمْ يكنْ منتخبُ الأرجنتين هو أفضلُ المنتخباتِ المشاركةِ على الإطلاقِ فقد كان عبارةٌ عن مجموعةٍ من الشبابِ متوسطي الموهبةِ ليس بمقدورِهِمْ تجاوزُ الدورِ الأولِ لولا وجودُ دييغو أرماندو مارادونا في صفوفِهِ والذي حولَ المستحيلَ الى واقعٍ ملموسٍ .
فمنذُ المباراةِ الأولى التي لَعِبَتْهَا الأرجنتين ضد كوريا الجنوبية بدأَ واضحًا إصرار مارادونا على إحراز الكأسِ بعد أسهامِهِ في ثلاثةِ تمريراتٍ حاسمةٍ جاءَتْ منها أهداف منتخبِ بلادِهِ في مرمى المنتخبِ الأسيوي يقبل أنْ يُسجِلَ المنتخبُ الكوري الجنوبي هدفَهُ الشرفي الوحيد وفي المباراةِ التي تَلَتْهَا افتتحَ مارادونا رصيدَهُ من الأهداف بهدفٍ رائعٍ في مرمى المنتخبِ الايطالي العريق ليخرج المنتخبان بالتعادلِ بهدفٍ لكليهما وفرضَ مارادونا نفسَهُ أيضا في المباراةِ ضدَ بلغاريا التي أنهَاهَا منتخبُ التانغو بهدفينِ نظيفين وأسهم مارادونا أيضا في الفوزِ على الاروغواي بهدفٍ نظيفٍ في الدورِ الثاني حتى جاءَتْ المباراةُ التاريخيةُ أمام منتخبِ انجلترا في ربعِ النهائي .. ويتذكرُ مارادونا نصائِحَ مدربِهِ الدكتورِ كارلوس بيلاردو قبيلَ المباراة حين ذكَّرَهُ بأحداثٍ سابقةٍ تمثلُ إخفاقًا للأرجنتين أمام الإنجليز من أجلِ تعبِئَتِهِ نفسيًا لخوضِ المباراةِ وقالَ له : أنت الوحيدُ من سيردُ الصاعَ صاعين وبعدها أكلَ مردونا الأخضرَ واليابسَ في أرضِ الملعب وكيف ينسى عشاقُ الكرةِ تلك اللحظةِ المجنونةِ التي تبادلَ فيها مارادونا التمريرَ مع فالدانو قبلَ أنْ تتحولَ بخطأ دفاعي باتجاه الحارسِ شيلتون ليستغلَ مارادونا الموقفَ ويقفزُ لها فجأةً ليتمكنَ منْ تسجيلِ هدفٍ خياليٍ شعرَ الإنجليز بمرارتِهِ كونَهُ لمْ يأتِ بقدمِ أو رأسِ مارادونا إنما جاءَ بيدِهِ المختبئَةِ خلفَ رأسِهِ ليحرزَ هدفَهُ الأولَ اليدوي الذي لم يرَهُ أكثرُ من خمسةٍ وخمسين 55 ألفِ متفرجٍ في ملعبِ المباراةِ ولا أيُّ من حكامِ المباراةِ لسرعتِهِ المذهلةِ المبهرة وسط احتجاجِ لاعبي انجلترا على الهدفِ ولكنًّ الحكمَ التونسيَ علي بن ناصر أصرَ على احتسابِ الهدفِ ليدخُلَ التاريخَ كلُّ منْ الحكمِ التونسي ومارادونا وهدفِهِ اليدوي وبعدَ أنْ رضخَ الانجليز لأعجوبة الهدفِ أكملَ الفريقين المباراةَ وها هو مارادونا منْ جديدٍ يقطعُ مشوارًا ماراثونيًا متخطيًا عمومِ البشرِ في الملعبِ بمنْ فيهم الحارسِ الإنجليزي العملاقِ بيتر شيلتون ويسجلُ هدفًا غايةً في الروعةِ .. و هو هدفُ القرنِ لينهي المنتخبُ الأرجنتيني لا بل منتخبُ مارادونا المباراةَ بفوزِهِ على منتخبِ انجلترا بهدفينِ نظيفينِ .
وواصلَ مارادونا عزفَهُ المنفردَ في البطولةِ ويقصى منتخبَ بلجيكا في الدورِ قبل النهائي بتسجيلِهِ هدفينِ منْ مجهودٍ فرديٍ فاتحًا الطريقَ أمامَ منتخبِ بلادِهِ لخوضِ المباراةِ النهائيةِ أمامَ المنتخبِ الألماني وكان هو مفتاحُ الفوزِ لمنتخبِ بلادِهِ بلقبٍ ثانٍ على الرغمِ منْ فرضِ رقابةٍ محكمةٍ عليهِ في المباراةِ النهائيةِ حيث تقدمَ منتخبُ التانغو بهدفينِ نظيفينِ قبلَ أنْ يدرِكَ الألمان التعادلَ قبلَ النهايةِ بنحوِ 13 دقيقة،ولكنُّ ماردونا أبا إلا أنْ يرفعَ كأسَ العالمِ ، فقدْ مررَ كرةً أمامية الى بوروتشاغا الذي انفردَ بالحارسِ الألماني وسجلَ هدفَ الفوزِ 3-2 قبلَ نهايةِ المباراةِ بسبعِ دقائقِ ليرفعَ منتخبُ الأرجنتين كاسَ العالمِ للمرةِ الثانيةِ في تاريخِهِ ولكنْ هذه المرةُ جاءَتْ بعبقريةِ مارادونا وموهبتِهِ الفذةِ فكان حقًا هو مونديالُ مارادونا بلا منازعٍ.
ويسيرُ ماردونا بقافلةِ المنتخبِ الأرجنتيني الى مونديال ايطاليا 1990 جاءَ منتخبُ الأرجنتين الى ايطاليا وهو يعاني إخفاقات المبارياتِ التجريبيةَ وبدا للنقادِ أنُّ منتخبَ التانغو لنْ يصمدَ هذه المرةُ أمامَ طوفانِ مجموعتِهِ عندما هُزمَ منْ الكاميرون بهدفٍ لكنُّ بلسمَ مارادونا كانَ حاضِرًا ويدُهُ السحريةُ تدخلَتْ لتمنعَ هدفًا في مرمى الأرجنتين لصالحِ الاتحادِ السوفييتي دونَ أنْ يحتسبَ حكمُ المباراةِ ركلةَ جزاءٍ ضد مارادونا لا غبارَ عليها وبيد مارادونا وصلَ المنتخبُ الأرجنتيني للدورِ الثاني وبشقِ الأنفس وفي الدورِ الثاني داهَمَ مارادونا الدفاعَ البرازيلي ليهدي كانيجيا تمريره قاتلةً هُزِمَ بها منتخبُ السامبا وفي الربعِ النهائي أوصلَتْ الركلاتُ الترجيحيةُ منتخبَ التانغو للنصفِ النهائي بعد تعادلِهِ مع منتخبِ يوغسلافيا بالوقتِ الأصلي والإضافي دون أهدافٍ تتجِهُ رحلَتُهُ لملاقاةِ منتخبِ ايطاليا في ملعبِ نابولي والذي اعتادَ مارادونا عليه كونَهُ لاعبُ نابولي ومعشوقُ جماهيرِهِ في ذلك الوقتِ.. ويفوزُ المنتخبُ الأرجنتيني بعد مباراةٍ امتدَتْ لركلاتِ الترجيحِ والتي رجّّحَتْ كفَةَ مارادونا ورفاقِهِ لنهائي البطولةِ لملاقاةِ منتخبِ المانيا .
وفي اللقاءِ النهائي تجَرَّعَ مارادونا من نفسِ كأسِ الحكامِ الذين خدعهم ففي النهائي أمامَ منتخبِ ألمانيا وقبل نهايةِ الوقتِ الأصلي للمباراةِ احتسبَ الحكمُ المكسيكي كودياس ركلةَ جزاءٍ ظالمةً عندما سَقَطَ رودي فوللر داخِلَ منطقةِ الجزاءِ ليُسَجِلَ اندرياس بريمه BREHME Andreas هدفَ الفوزِ الوحيدَ وسطَ دموعِ مارادونا التي أبكَتْ عشاقُهُ من ورائِهِ وعَبَّّرَ مارادونا عن احتجاجِهِ على الهدفِ الظالمِ برفضِهِ مصافحَةَ جواو هايفيلانك رئيسِ الاتحادِ الدولي السابقِ متحسرًا على ضياعِ الكأسِ والذي استحَقَّهُ الألمانُ على أيِّ حالٍ .
وأسدَلَ مارادونا الستارَ على مسيرتِهِ في بطولاتِ كأسِ العالمِ بصورةٍ محزنةٍ في مونديالِ أمريكا عامَ ألفٍ وتسعمائةٍ وأربعةٍ وتسعين 1994 عندما بلغَتْ نزواتُهُ وخروجُهُ عن المألوفِ أشدَهَا حين كشفَتْ التحاليلُ المخبريةُ عن وجودِ آثارٍ لخمسِ منشطاتٍ مختلفةٍ في عينةٍ أُخِذَتْ مِنْهُ. .. وكان قد تعملقَ في المباراةِ الأولى ضد اليونان وقادَ الأرجنتين الى رباعيةٍ نظيفةٍ أحرزَ فيها باتيستوتا هاتريك واختتمَ ماردونا المهرجانَ بهدفٍ حملَ بصمتِهِ عليه ولكنَّهُ لمْ يعلمْ بأنَّ هذا الهدفُ هو الهدفُ الدولي الأخيرُ في مسيرتِهِ الرياضيةِ.
وحافظَ على مستواهُ في المباراةِ الثانيةِ ولفتَ أنظارَ اللجنةِ المنظمةِ بعد نشاطِهِ المدهشِ أمامَ نيجيريا وصناعتِهِ لهدفين أنهى التانغو المباراةَ لصالحِهِ بها مقابلَ هدفٍ لنيجيريا..فوقعَ عليه الاختيارُ كي يخضعَ للفحوصاتِ لتثْبِتَ تناولَهُ المنشطاتِ .. فسحبَهُ الاتحادُ الأرجنتيني من صفوفِ المنتخبِ قبلَ أنْ يوقِفَهُ الاتحادُ الدوليُّ 15 خمسةَ عشرَ شهرًا.
وبعدَها تعطلَتْ الآلةُ الأرجنتينيةُ في مونديالِ 94 فعجزَ عن سدِ فراغِهِ أيُّ لاعبٍ أرجنتينيٍّ آخرٍ ليخسرَ مباراتَهُ الأخيرةَ بالمجموعةِ أمامَ منتخبِ بلغاريا بثلاثيةٍ نظيفةٍ في الوقتِ الذي ضمنَ مسبقًا تأَهُلَهُ للدورِ الثاني بفضلِ مارادونا المبعدِ وواصلَ مؤشرُ المنتخبِ الأرجنتيني بالانخفاض السريعِ حتى أقصاهُ المنتخبُ الروماني من دورِ الستةِ عشرَ مستغلاً إيقاف زعيمُ كتيبةُ التانغو مارادونا ليهزمَهُ بنتيجةِ ثلاثةِ أهدافِ لهدفِ .
وهكذا كانتْ النهايةُ حزينةٌ لأعظَمِ لاعبٍ في العالمِ حينَ انساقَ لنزعاتِهِ وشهواتِهِ لتهويَ بِهِ منْ أعلى قمَمِ المجدِ الى مستنقعِ الخزي والعارِ.
وبعدَها بانَ المستورُ واطْلعَ مارادونا العالمَ على حقيقَتِهِ بأنَّهُ مدمنُ مخدراتٍ ويسعى للعلاجِ منها ..وهكذا حرمَتْ الآفةُ اللعينةُ المخدراتِ الملايينَ منْ عشاقِ كرةِ القدمِ في العالمِ منْ فنِهِ وعبقريتِهِ الفذةِ ليواصلَ رحلتَهُ العلاجيةَ الطويلةَ والشاقةَ منْ الإدمان والتي أوصلَتْهُ لمشارفِ الموتِ لولا العنايةُ الإلهيةُ وتدخلَ أمهرُ الأطبةِ العالميين لإنقاذه.. مما يوضحُ مدَى الجرمِ الكبيرِ الذي اقترفَتْهُ يداهُ بحقِ نفسِهِ وبحقِ عشاقِهِ لتصبحَ حياتُهُ تنقُلاً مابينَ المصحاتِ العلاجيةِ في كوبا وبمساعدةِ أسرته.. وعلى الرغمِ منْ هذا وتلك سيبقى ديبغو أرمندو مارادونا علامةً بارزةً في تاريخِ الرياضةِ العالميةِ وفي تاريخِ بطولاتِ كأسِ العالمِ بشتى المراحلِ حُلْوِها ومُرِّها على مدَى 16 ستةَ عشرَ عامًا
(أجمل ما قيل في ماردونا) قال الفريدو كاهي الطبيب الشخصي لمارادونا للصحافيين «علينا ان نحافظ عليه باعتباره نجما، ولكن يجب علينا ان نفكر فيه بشكل انساني، لدي انطباع بان هذه هي فرصتنا الاخيرة». عبارة ديستفانو الشهيرة :''مارادونا هو الذي أعاد اختراع كرة القدم '' وقيل عن مارادونا كذلك : إذا كان بيليه هو الرياضي الأول في القرن العشرين في نظر خبراء الفيفا وأعظم لاعب كرة في التاريخ وصاحب ال1283 هدفا وثلاثة ألقاب لكأس العالم فإن مارادونا هو الذي وزع المتعة وجعل الجماهير تتمايل طربا في مونديال 1986 بالمكسيك ومباريات الدوري الأرجنتيني والإيطالي والأسباني فكل لمسة للكرة بقدمه اليسري حكاية جميلة وقصة تستحق أن تتوقف أمامها تفاصيلها الجميلة. قال بازيل بولي نجم فرنسا و مارسيليا السابق:'' أحلم بالحصول على حقنة تطعيم من قدم مارادونا اليسرى '' في عام 1995 قررت مجلة فرانس فوتبول الفرنسية منح مارادونا الكرة الذهبية تقديرا لموهبته الرائعة وتلك جائزة استثنائية لم تقدم من قبل لأي لاعب آخر و ذهب مارادونا إلى باريس و تسلم جائزته وتساقطت الدموع من عينيه وهو في قمة التأثر فاقترب منه ديستيفانو نجم ريال مدريد السابق وهمس في أذنه قائلا:'' لا تبكي هذا أقل ما يمكن أن يحصل عليه لاعب موهوب مثلك '' • وفي مقدمة الطبعة الإنجليزية لكتاب '' أنا دييجو '' كتب المترجم مارسيلا مورا يقول :'' ذات مرة قال لي أحد الهولنديين إن الهدف الثاني الذي أحرزه مارادونا في كأس العالم 1986 المعجزة الوحيدة في القرن العشرين ويقول مارادونا :''هناك العديد من الناس يخافون من الاعتراف بأنهم ولدوا في كوخ ولكن بالنسبة لي الأمر مختلف لأنني إذا لم أولد في كوخ لما أصبحت مارادونا حيث كانت عندي الحرية للخروج إلى الشارع واللعب مع الأطفال ولكن الآن لا توجد أية مساحات في الشوارع للعب الكرة ''• ويقول الدكتور بيلاردو مدرب الأرجنتين في كتاب'' حياة دييجو مارادونا '' للكاتب الإنجليزي جيمي بورنز:'' كنت أعلم جيدا أن اختيار مارادونا كابتن للفريق سيجعله أكثر تحملا للمسؤولية وستخلق بداخله حافزا كبيرا للنجاح وفي نفس الوقت كنت أدرك أيضا أنه يحظى بشعبية كبيرة وسط أفراد المنتخب لأنه الأفضل ولذلك قررت بناء الفريق حوله''• وأضاف قائلا بيلاردو:'' منذ اللحظة الأولى أدركت انه يجب أن يعلم أن المنتخب يمر بمرحلة مختلفة تماما وقلت لنفسي هناك في المنتخب فئتين الأول مارادونا والثاني بقية اللاعبين ''•