بماذا يعرفونه؟؟
هناك شعور يولد معك ، حين تتنشق أولى أنفاسك ، هو شعور أو صفة تجري في دمك وفي روحك ، تحيا معك وتنمو مع نموك ، وتتدلل معك في طفولتك ، تملىء عيونك ، تعيش فيك وانت شاب ، وانت هرم ، وانت تلتقط أنفاسك الأخيرة ، انت مت ، هنا هي لم تمت ، بل اذا كانت هي مائك وحياتك وهوائك ، فهي لم ولن تمت ، بل هي امتداد لما انت فعلته ، يرثها عنك أولادك ، اذا زرعتهم فيها وزرعتها فيهم ، لأتك حين تزرع ازرع لمئة سنة ازرع انسانا ، ولاتزرع لسنة فتحصد قمحا ولاتزرع لعشرة سنين فتحصد شجرة.
شعور يعلمك تشتاق لأمك وانت في أحضانها ، وتشتاق لأخيك وأنت معه ، تشتاق لأبيك وأنت لازلت تمازحه ، تشتاق لصديقك قبل ان تفارقه ، تشتاق لبلدك دون ان تخرج منها ، هو شعور يعلمك الاشتياق
ولاشتقاق انت تشتق من الاشتياق الاخلاص ومن الاخلاص الذكرى ، ومن الذكرى الحنان للماضي.
انت لا تعرف ولاتحكم على نفسك ان كان هذا الشعور بك ، ولا تستطيع أن تسأل أو تستفسر ان وجد بك ، لأن من حولك يجيبونك دون ان تسأل ودون ان تفكر أن تسأل .
كلمات وكلمات ، تصف هذا الشعور لكن لا تعرفه ، فهو عالم آخر ،غير هذا العالم الذي أنت فيه ، تسافر اليه دون طائرة ودون اي وسيلة مواصلات حية انما تذكرته هي السفر دون حدود ، والحلم دون توقف والتنقل من قلب الى قلب دون أن تتعب .
هذا الشعور يعجز القلم ويجف الحبر وتتجمد أصابعك وانت تكتب لكن دون ان تتوصل الى تعريفه ، تعلم لماذا؟؟ لأنني أنا أعرفه بشيء وانت تعرفه بشيئٍ آخر ، وهو يعرفه بشيء ،وهي تعرفه بشيء آخر وهم يعرفوه بشيء وهن يهرفنه بشيء آخر .
هو سهل أن تحصل عليه لكن من الصعب أن تحافظ عليه ، وهو ماءٌ في فرحك ونار في عذابك هو دموع ودموع ،هو دموع وأنت تتنهد به ودموع وأنت تتنهد منه .
هذا الشعور يتألف بالكتابه من حرفين اثنين ومن ثلاثة ان وضعنا الشدة عليه، لكن مهما كانت كتابته طويلة أو قصيرة ، فتعريفه أطول من ان يفسر أو يفصل ...
هذا الشعور جعل أقلام كثير من شعراء العالم تتألم ، وتجف ويموت الشاعر دون ان ينتصر على هذا الشعور.
هذا الشعور تسبب بموت الكثير من الناس دون ان يشعروا أن هذا الشعور أصبح مرضهم المزمن الذي اذا عقله وقلبه تبرمجا على هذا الشعور أدمنو عليه ، ولايمكنهم التخلص منه ، لأنه هو شيء جميل يرفض العقل والقلب أن يتخليا عنه ...
جعل الكثير من الناس أنت تمشي هوسا وجنونا ، ومن منا لا يعرف الشاعر المجنون الذي جن ومات بسبب هذا الشعور المزمن ، ومات قيس ، هذا الشعور جعل نزار يتخصص به ، هذا أهى أوراقه ، وأنهى كلامه ، ومات نزار ، هذا الشعور جعل نزار تلميذا عنده جعل القباني يطلب منه أن يعلمه كيف يعلمه كيف لايشتاق لحبيبته ، طلب منه أن يخلع شجرة هواه من جذرها وللأبد لكنه لم يطعه . طلب منه أن يعلمه يقتل دمعته في حدقته ، لكن القتل والحرمان ممنوع في دستور هذا الشعور، وقوانينه تحرم ذلك .
هذا الشعور احتلال في وطن قلبك ، هو يحتل دون أن يدعك تستقل في يوم من الأيام ، يجعل قلبك لا يحتفل بيوم استقلاله بل يحتفل بيوم احتلاله .
هذا الشعور هو نوع فريد وحيد لا مثيل له . ولكن له أكثر من صنف ،فصنف يبقى للأبد ويموت معك وهو لوالديك ويموت معهما ، وصنف يحول مشاعرك لعكس هذا النوع من المشاعر ، يجعلك أنت المنبوذ أنت الذي لا تطاق ، أنت الذي لا يراه احد امامه ، تعرف لماذا؟؟؟ لأن مشاعرك مجردة من هذا الشعور فاذا تجردت مشاعرك منه لا يمكن أن تحصل عليه مره اخرى ، أما الصنف الآخر لهذا النوع هو الذي لا بد لكل انسان أن يعرفه دون أن يعرفه ، لكنه لايموت معك لأن الناس ستموت وهي تحكي عنه ، وكل الأصناف تأتي من الاحترام ، الذي لا بد أن ينمو هذا الشعور معه ، فهو اذا انفصل هذا الشعور عن الاحترام مات الاحترام ومات الشعور الذي يسمى الحب ....
وهنا والى هنا لم ولن نستطيع تعريف ما يسمى الحب.